الحديد أُنُزل إلى الأرض ولم يكن ضمن عناصرها فهو المعدن الوحيد الذي حير العلماء من معادن الأرض فذرات الحديد لها تكوين مميز.. إن الالكترونات والنيترونات في ذرة الحديد لكي تتحد تحتاج إلى طاقة هائلة تبلغ أربع مرات مجموع الطاقة الموجودة في مجموعتنا الشمسية.. ولذلك لا يمكن أن يكون الحديد قد تكون على الأرض.. ولابد أنه عنصر غريب وفد إلى الأرض ولم يتكون فيها.
يقول الله تعالى (فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ ) ولقد ثبت علميًا وطبيًا أن نقص الحديد بجسم الإنسان يسبب مرض فقر الدم ( الأنيميا ) والضعف العام فالحديد هو مصدر قوة الإنسان وبأسه ( البأس هو الشدة ) في لسان العرب.
إن الحديد من العناصر المهمة للجسم فهو يدخل في تركيب هيموجلوبين الدم و يكسبه المقدرة على نقل الأكسيجين من الرئتين إلى أنسجة الجسم المختلفة حيث يؤكسد ما بها من طعام فيولد الطاقة الحرارية اللازمة لقيام الجسم بوظائفه.وبدون الحديد يفقد الدم خواصه الحياتية حيث إن الدم هو الحياة ذاتها وهو يمثل 6 % تقريبًا من وزن الجسم.
وعند نقص الحديد يعجز نخاع العظام عن توليد عدد كاف من كرات الدم الحمراء لعدم وجود الحديد الذي يعتبر ضروريًا في تركيب الهيموجلوبين.
كذلك كمية الهيموجلوبين في كل كرية حمراء تكون منخفضة فتصبح باهتة اللون و بالتالي تقل مقدرة الدم على نقل الأكسيجين مما يعرقل وظائف الجسم المختلفة و تؤدي إلى اللون الباهت للجسم و كذلك سرعة الإنهاك ، ونقص القدرة على التركيز.
يصنع الهيموجلوبين داخل كرات الدم الحمراء والتي هي الأخرى تصنَّع في نخاع العظام(مخ العظم).
تبلغ كمية الهيموجلوبين حوالي 34 % من وزن كرية الدم الحمراء.
ويلاحظ هنا في هذه الصورة مسحة دموية لمصاب بنقص الحديد. ويلاحظ علامات الأنيميا بكريات الدم...
نقص الحديد مرض كثير الانتشار في العالم وهو يحدث في كل الأجناس والأعمار، وخاصة عند النساء والأطفال. ويحتوي دم الرجل على 24-25مجم من الحديد لكل 100 سم3 من الدم بينما يحتوي دم المرأة على 42-48مجم حديد في كل 100 سم3 من الدم.
وتعيش كرات الدم الحمراء حوالي 120 يومًا تتحلل بعدها ويحدث الهدم لعدد من هذه الكرات يعادل 1% منها كل يوم وهذا يمثل انبعاث 24 ملجم من الحديد يوميًا وطبيعي يستفيد الجسم من هذا الحديد الناشئ ليبنى من الهيموجلوبين في الكرات الحمراء الجديدة.
ما أعراض وعلامات فقر الدم بنقص الحديد ؟
1- ضعف عام وتعب وإرهاق وخاصة بالعضلات.
2- خمول وكسل.
2- سرعة التعب والنهجان لأقل مجهود.
4- صداع ودوار مع الشعور بعدم الثبات.
5- طنين الأذنين.
6- ضعف نمو الأظافر واعوجاجها وتصبح هشة
وسهلة الكسر ويقل سمكها.
7- الشعور بزيادة في عدد دقات القلب.
8- الشعر يصبح جافًا فاقدًا البريق وسهل التقصف والسقوط
إذا استمر فقر الدم مدة طويلة، فقد تظهر تغيرات في الفم واللسان والغشاء المخاطي للسان يصبح ناعمًا وبراقًا، وتضمر الحليمات اللسانية على الجانبين، والطحال قد يتضخم في بعض الحالات.
ومن الملاحظ أن نقص الحديد قد يسبب بعض أنواع التغير السلوكي في الأطفال الرضع وأيضًا الأكبر عمراً ولكن لم يتأكد ذلك قطعًا عن طريق الدراسات.. ولقد أظهرت بعض الدراسات أن نقص الحديد يؤدي إلى سرعة الانفعال والتهيج Irritability أو فتور الشعور واللامبالاة عند الأطفال الرضع كما يؤدي إلى نقص الإدراك والقدرة على التعلم والانتباه في أطفال المدارس ويؤدي إلى الانفعال والسلوك الفوضوي عند المراهقين…وبصفة عامة يمكن القول إن هناك حاجة ماسة للعديد من الدراسات الحديثة والمتعمقة في هذا الخصوص لتأكيد العديد من هذه الشواهد والملاحظات.
العوامل التي تؤدي لنقص الحديد:
و يحدث هذا النوع من الأنيميا نتيجة نقص موارد الجسم من الحديد نتيجة العوامل التالية:
1- نقص كمية الحديد في الطعام الذي يتناوله الإنسان.
2- نقص درجة امتصاص الحديد في الجسم عند تناول مواد تقلل من امتصاص الحديد مثل الشاي.
3- فقدان الدم بطريقة أو بأخرى كما في حالة وجود بواسير ، وجود طفيليات معوية ، قرحة
4- قلة الحديد المخزون في الجسم كما في حالات أمراض الكبد.
5- أثناء الدورة الشهرية عند الإناث ( ففي كل دورة شهرية تفقد السيدة ما يقرب من 14: 28ملجم من الحديد مع دم الحيض ) وتقدر كمية الحديد المفقودة أثناء الحمل والولادة بنصف جرام ويحتوي المولود على 275 ملجم من الحديد حصل عليها من دم الأم وهذا يفسر إصابة أكثر من 50% من الحوامل بأنيميا الحديد كذلك تكرار الحمل المتقارب يقلل من كمية الحديد.
وتبلغ نسبة الحديد المختزن في الكبد والطحال ونخاع العظام 1جم عند الرجال بينما في النساء نصف جم ويستطيع الإنسان أن يتحمل نقصًا يوميًا من الحديد قدره من 2: 3 ملجم أما الكميات الأكبر من ذلك تستنفذ الحديد من مخازنه بالجسم.
يوجد أكثر من 65% من مجموع الحديد الكلي الموجود في الجسم في الدم، لذلك فالفقد في الدم يؤدي إلى الفقد في الحديد. لهذا السبب فإن المرأة تحتاج إلى كمية من الحديد أكبر من الرجل. وفي الحقيقة فإن فترة الطمث تتسبب في فقدان المرأة للحديد مما يجعل احتياجاتها منه ضعف احتياجات الرجل، والرجال عمومًا يتناولون كميات من الطعام أكبر مما تتناوله النساء، لأن أجسامهم أكبر وأقوى غالبًا، لذلك فهم يتناولون مقداراً من الحديد أكبر. وإذا كان الحديد الممتص لا يعوض كل الكمية المفقودة، وكان المخزون من الحديد قد نفد فإن كريات الدم الحمراء تفقد الهيموجلوبين وحينها يبدأ مشوار أنيميا نقص الحديد.
وإذا نفد المخزون من الحديد فلا يستطيع الجسم تصنيع هيموجلوبين كاف لملء كريات الدم الحمراء الجديدة كما ذكر سابقًا.
وظائف الحديد في الجسم تتلخص فيما يلي:
1ـ يدخل في تركيب الهيموجلوبين لذا يعتبر مهمًا في تبادل الغازات والتنفس الخلوي.
2- ضروري لإنتاج الطاقة و الحرارة من المواد الغذائية.
3- يعادل الحموضة.
3ـ يساعد على تحويل البيتا ـ كاروتين إلى فيتامين ("أA")..
4ـ إزالة الدهون.
5ـ تصنيع الكولاجين.
6ـ إنتاج الأجسام المضادة.
7- ضروري لإنتاج العديد من الأنزيمات بالجسم.
والزائد من الحديد يختزن في الجسم لكي يستخدم عند الضرورة في حالة نقص موارد الجسم منه.
أماكن تخزين الحديد في الجسم:
يحتوي جسم الإنسان البالغ على كمية من 4:3 جم من الحديد حوالي 30% منها يخزن داخل الجسم أي 1 جم تقريباً ويتم تخزين الحديد في الجسم في المناطق الآتية:
- 30% بالكبد.
- 30% في نخاع العظام.
- الباقي موزع في الطحال والعضلات.
ويوجد أكثر من ثلثي كمية الحديد في الهيموجلوبين
أنواع الحديد في الأغذية:
النوع الأول: الحديد المكون لجزيء الهيموجلوبين ويطلق عليه الهيم Heme Iron.
النوع الثاني: الحديد غير المكون لجزيء الهيموجلوبين ويطلق عليه اللاهيم Non Heme Iron وغالبًا ما يوجد النوع الأول في الأغذية الحيوانية ، أما النوع الثاني فهو يوجد في الأغذية النباتية وبعض الأغذية الحيوانية.
النوع الأول الذي يوجد في الغالب في الأغذية الحيوانية دون النباتية ، هو نوع سهل سريع الامتصاص ولا يتأثر في العادة بالعوامل التي تعوق امتصاص الحديد.. وتبلغ نسبة امتصاصه حوالي 23% النوع الثاني غير المرتبط بالهيموجلوبين ، لا تتعدى نسبة امتصاصه 5% في المتوسط.
لذا فالنصيحة المهمة عند الحصول على الحديد ، هو الاهتمام بتناول الأغذية الحيوانية الغنية بالحديد "الهيم" مثل الكبد والكلاوي واللحوم ، عن الأغذية النباتية الموجود بها الحديد "اللاهيم" مثل:الفول والعدس..
وبالطبع ليس معنى ذلك الإعراض عن هذه الأغذية النباتية ولكن يجب أن نعطي اهتماماً أكثر للمصادر الحيوانية الغنية بالحديد.
ما المصادر الغذائية للحديد ؟
توجد أملاح الحديد في أكثر أنواع الخضروات كالبصل والباندورة، والبقول مثل الفول و اللوبيا و الفاصوليا والبسلة وبصورة خاصة يوجد في الخضراوات الو رقية كالسبانخ، والبقدونس، والكرفس، والخس وما شابهها، ويوجد أيضًا في الفواكه كالموز والمشمش والعنب والتين والبلح وفي البذور واللوز، جوز الهند واللحوم والكلاوي والكبد وصفار البيض وغيرها.
ومما هو جدير بالذكر أن الجسم يستطيع أن يستفيد من عنصر الحديد الموجود في البصل والموز بمعدل 90% بينما لا يستفيد من عنصر الحديد الموجود في المواد الغذائية الأخرى بأكثر من 60%، ومن الملاحظ بأن البرتقال يزيد من فعالية امتصاص عنصر الحديد وحيث إن تناول فيتامين ج (سي) يمكن أن يزيد امتصاص الحديد بمعدل 30% فيجدر بالمصابين بفقر الدم أن يتناولوا البرتقال مع الغذاء المحتوي على مادة الحديد لزيادة الاستفادة علمًا بأن مشروب الشاي يعاكس مفعول البرتقال ( أي يقلل من امتصاص الحديد )
العلاج بالحديد:
في عام 1832 م استحدث بلود العلاج بالحديد على هيئة ما سمي فيما بعد بأقراص بلود وهي أقراص تحتوي على كربونات الحديديك Fe2 (CO3)3وظلت عصب العلا ج فترة طويلة إلى أن استحدثت مستحضرات حديد أخرى وأصبح واضحًا أن مستحضرات الحديد الثنائي تمتص أفضل من الحديد الثلاثي.