كانت " مكه" على موعد مع حدث عظيم كان له تأثر في مسيرة البشريه طوال اربعة عشر قرنآ من الزمان . وسيظل يشرق ينوره على الكون ويرشد بهداه الحائرين ، الى ان يرث الله الأرض وما عليها .
كان ميلاد النبي "محمد" صلى الله عليه وسلم اهم حدث في تاريخ البشرية على الأطلاق منذ ان خلق الله الكون ، وسخر كل ما فيه لخدمة الانسان ، وكأن هذا الكون كان يرتقب قدومه منذ امد بعيد
وفي (12 من ربيع الاول ) من عام الفيل شرف الكون بميلاد سيد الخلق وخاتم المرسلين "محمد" صلى الله عليه وسلم .وقد ذهب الفلكي المعروف "محمود باشا الفلكي" في بحث له ان النبي "محمد" صلى الله عليه وسلم ولد يوم الاثنين (9 ربيع الاول الموافق 20 من ابريل سنة 571 ميلاديه )
نــــســــبــه الشــــريـــــــف :
هو "ابو القاسم محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة"
ويمتد نسبه الى "الياس ين مضر بن نزار بن معد بن عدنان" وينتهي الى "اسماعيل بن ابراهيم" عليهما السلام .
وامه "امنه بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة" ، ويتصل نسب امه مع ابيه بدءآ من "كلاب بن مرة"
وروي في سبب تسميته ان امه امرت ان تسميه بذلك وهي حامل ، وروي ان جده عبد المطلب رأى في منامه كأن سلسلة من فضه خرجت من ظهره ، لها طرف طرف في السماء وطرف في الارض ، وطرف في المشرق وطرف في المغرب ، ثم عادت كأنها شجره ، على كل ورقه منها نور ، واذ بأهل المشرق والمغرب يتعلقون بها ؛ فتأولها بمولد يكون من صلبه ، ويتبعه اهل المشرق والمغرب ، ويحمده اهل السماء فسماه "محمد"
وتبدو اسباب التهيئه والاعداد من الله تعالى ل "محمد" صلى الله عليه وسلم في مهمته الجليله ورسالته العظيمه ، جلية واضحة فنذ اللحظه الاولى في حياته ، بل انها كانت قبل ذلك ، وقد تجلى في اصطفاء اسمه صلى الله عليه وسلم فليس في اسمه ام اسم ابيه او جده ما يحط قدره وينقص منزلته ، وليس في اسمه شيء محتقر ، كما انه ليس اسمه اسمآ مصغرآ تستصغر معه منزلته ، وليس فيه كبرياء او زيادة تعاظم يثير النفور منه
ابـــــــن الذبـــيـــحـــــــيـــــــن :
ويعرف النبي صلى الله عليه وسلم بأبن الذبيحين فأبوه "عبدالله" هو الذبيح الذي نذر "عبدالمطلب" ذبحه ثم فداه بمائة من الابل ، وجده "اسماعيل"-عليه السلام - هو الذبيح الذي فداه ربه بذبح عظيم .
وقد اجتمع للنبي صلى الله عليه وسلم من اسباب الشرف والكمال ما يوقع في نفوس الناس استعظامه ، ويسهل عليهم قبول ما يخبر به ، واول تلك الاسباب كان شرف النسب "واشرف النسب ما كان الى اولي الدين ، واشرف ذلك ما كان على النبيين ، وافضل ذلك ما كان من العظماء والأنبياء وافضل ذلك ما كان الى نبي قد اتفقت الملل على تعظيمه"
مــولــد النــبــبــي صــلــى الله عــلــيــه وســلــم ايــذان بــزوال الــشــــرك :
كان مولد النبي صلى الله عليه وسلم نذيرآ بزوال الشرك ، ونشر الحق والخير والعدل بين الناس ، ورفع الظلم والبغى والعدوان .
وكانت الدنيا تموج بألوان الشرك والوثنيه وتمتلئ بطواغيت الكفر والطغيان ، وعندما اشرق سيد الخلق كانت له ارهاصات عجيبه ، وصاحبته ظواهر غريبه واحداث فريده ، ففي يوم مولده زلزل ايوان "كسرى" فسقطت منه اربع عشرة شرفه وخمدت نار "فارس" ولم تكن خمدت قبل ذلك بألف عام . وغاضت بحيرة "ساوة"
وروى عن امه انها قالت : رأيت لما وضعته نورآ مني ساطعآ حتى افزعني ، ولم ارى شيئا مما يراه النساء..
وذكرت "فاطمة بنت عبدالله" انها شهدت ولادة النبي صلى الله عليه وسلم وقالت : فما من شيء انظر اليه من البيت الا نورآ ، واني لأنظر الى النجوم تدنو حتى اني لأقول لتقعن عليي.
وروى انه صلى الله عليه وسلم ولد معذورآ مسرورآ -اي مختونآ مقطوع السرة - وانه كان يشير باصبع يده كالمسبح بها ..
مــــحـــمــــد الــــــيــــتـــــيـــم :
فقد محمد صلى الله عليه وسلم أباه قبل مولده ، وكانت وفاة ابيه بالمدينة عند اخوال ابيه من "بني النجار" وهو في الخامسه والعشرين من عمره .
وعلى عادة العرب فقد ارسله جده الى الباديه ليسترضع في "بني سعد" وكانت حاضنته "حليمه بنت ابي ذؤيب السعدي"فلم يزل مقيمآ في "بني سعد" يرون به البركة في انفسهم واموالهم حتى كانت حادثة شق الصدر ، فخافوا عليه وردوه الى جده "عبدالمطلب" وهو في الخامسه من عمره ، لم تلبث امه "آمنه" ان توفيت في "الأبواء" - بين مكه والمدينه - وهي في الثلاثين من عمرها ، وكان "محمد" صلى الله عليه وسلم قد تجاوز السادسه بثلاثة اشهر .
وكأنما كان على "محمد" صلى الله عليه وسلم ان يتجرع مرارة اليتم في طفولته ، ليكون ابآ لليتامى والمساكين بعد نبوته ، وليتضح اثر ذلك الشعور باليتم في حنوه على اليتامى ويره بهم ، ودعوته الى كفالتهم ورعايتهم والعنايه بهم ..
مـــحـــمـــد فـــي كـــفـــالــة جـــده و عـــمــه :
عاش "محمد" صلى الله عليه وسلم في كنف جده "عبدالمطلب" وكان يحبه ويعطف عليه ، فلما مات "عبدالمطلب" وكان "محمد" في الثامنة من عمره ، كفله عمه "ابو طالب" فكان خير عون له في الحياة بعد موت جده ،وكان "ابو طالب" سيدآ شريفآ مطاعآ مهيبآ ، مع ما كان عليه من الفقر ، ومان "ابو طالب" يحب محمدآ ويؤثره على ابنائه ليعوضه ما فقده من حنان وعطف ..
وحينما خرج "ابو طالب" في تجارة الى "الشام" تعلق به "محمد" فرق له "ابو طالب" واخذه معه ، فلما نزل الركب "بصرى" -من ارض الشام - وكان بها راهب اسمه "بحيري" في صومعة له، فلما رآه "بحيري" جعل يلحظه لحظآ شديدا ، ويتفحصه مليا ، ثم اقبل على عمه "ابي طالب" فأحذ يوصيه به ، ويدعوه الرجوع الى بلده ويحذره من اليهود
يتبع .....ز
nouna :: عضـــوة VIP ::
العمر : 40تاريخ التسجيل : 05/01/2009عدد المساهمات : 2097أعلام الدول : مزاجك اليوم : الهواية : المهنة : نقاط : 1887الأوسمة :
وشهد "محمد" صلى الله عليه وسلم حرب الفجار - الذين فجروا القتال في شهر الله الحرام رجب - وكان في السابعة عشرة من عمره ..
وحضر "حلف الفضول" وقد جاوز العشرين من عمره ، وقد قال فيه بعد بعثته :"حضرت في دار "عبدالله بن جدعان "حلفا ما يسرني به حمر النعم ، ولو دعيت اليه اليوم لأجيت" ..
وقد عرف النبي صلى الله عليه وسلم -منذ حداثة سنه - بالصادق الامين ، وكان موضع احترام وتقدير "قريش" في صباه وشبابه ، حتى انهم احتكموا اليه واختلفوا فيمن يضع الحجر الأسود في مكانه من الكعبه ، حينما اعادوا بناءها بعدما تهدمت بسبب سيل اصابها ، وارادت كل قبيله ان تحظى بهذا الشرف حتى طار الشر بينهم ، وكادوا يقتتلون ، فلما رأوه مقبلآ قالوا : قد رضينا بحكم "محمد بن عبدالله " فبسط رداءه ، ثم وضع الحجر وسطه ، وطلب ان تحمل كل قبيلة جانبا من جوانب الرداء ، فلما رفعوه جميعا حتى بلغ الموضع ، اخذه بيده الشريفه ووضعه مكانه ..
وعندما بلغ "محمد" صلى الله عليه وسلم الخامسة والعشرين تزوج السيدة "خديجة بنت خويلد" قبل ان يبعث فولدت له "القاسم" و "رقية" و "زينب" و "ام كلثوم" وولدت له بعد البعثه "عبدالله"
ولما استكمل النبي صلى الله عليه وسلم اربعين سنة كانت بعثته ، وكانت "خديجه" اول من آمن به من النساء وكان "ابو بكر الصديق" اول من آمن به من الرجال ، و"علي بن ابي طالب" اول من آمن من الصبيان ..
واقام النبي صلى الله عليه وسلم بمكة ثلاث سنين يكتم امره ، ويدعو الناس سرآ الى الأسلام ، فآمن به عدد قليل ، فلما امر بابلاغ دعوته الى الناس والجهر بها ، بدأت "قريش" في ايذائه وتعرضت له ولأصحابه ، ونال المؤمنون بدعوته صنوف الأضطهاد والتنكيل ، وظل المسلمون يقاسون التعذيب والأضطهاد حتى اضطروا الى ترك اوطانهم والهجرة الى "الحبشه" ثم الى المدينه ..
ومرت الأعوام حتى عاد النبي صلى الله عليه وسلم الى مكة فاتحآ -في العام العاشر من الهجره - ونصر الله المسلمين بعد ان خرجوا منها مقهورين ، ومكن لهم في الأرض بعد ان كانوا مستذلين مستضعفين ، واظهر الله دينه واعز نبيه ودحر الشرك وهزم المشركين ..
وفي العام التالي توفي النبي صلى الله عليه وسلم في ( 12 ربيع الأول 11 هـ = 7 يونيو 632 مـ ) بلغ 63 عاما ..
لعل اول من احدث الأحتفال بذكرى المولد النبوي هو الملك المظفر "ابو سعيد كوكبري بن زيد الدين على بن بكتكين" صاحب اربل ، وكان احد الملوك الأمجاد ، وكام يحتفل به احتفالآ هائلآ يحضره الأعيان والعلماء ويدعو اليه الصوفيه والفقراء ..
يميل اكثر العلماء الى شرعية الأحتفال بالمولد النبوي ، ووجوب احياء الذكرى بالذكر والعبادة ، والتماس مواطن القدوة في حياة صاحب الذكرى صلى الله عليه وسلم ، والاقتداء به واحياء سننه ، والسير على نهجه وشريعته ..
ويقول الامام "ابن حجر العسقلاني" : اصل عمل المولد بدعة لم تنقل عن احد من السلف الصالح من القرون الثلاثه ، ولكنها مع ذلك قد اشتملت على محاسن وضدها ، فمن تحرى في عملها المحاسن وتجنب ضدها كان بدعة حسنه . ويقول الامام "السخاوي" : لو لم يكن في ذلك الا ارغام الشيطان ، وسرور اهل الايمان من المسلمين لكفى ، واذا كان المسيحيين اتخذوا مولد نبييهم عيدآ اكبر ، فأهل الاسلام اولى بالتكريم واجدر ..
وفي الختام لكم مني جميعا احلى وارق التهاني بمناسبة حلول ذكرى مولد الرسول "محمد" صلوات ربي وسلامه عليه